وجه الدلالة من هذين الحديثين: أن شر الأمور المحدثات في الدين وهي التي حذر منها صلى الله عليه وسلم بقوله: «وإياكم ومحدثات الأمور (?)» وهذا دال على أن كل محدثة منهي عنها فلا تكون محمودة في بعض الأحيان.

وقوله صلى الله عليه وسلم «وكل بدعة ضلالة (?)» قاعدة شرعية كلية بمنطوقها ومفهومها كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: أما منطوقها فكأن يقال: حكم كذا بدعة وكل بدعة ضلالة، فلا تكون من الشرع؛ لأن الشرع كله هدى، فإن ثبت أن الحكم المذكور بدعة صحت المقدمتان وأنتجتا المطلوب (?).

أما ما ذكره الفريق الأول من أن البدعة قد تكون ممنوعة وقد تكون مشروعة، فهو اصطلاح يضفي على البدعة الممنوعة شيئا من التلطيف، ويقلل من الحذر منها ويجعلها بعض الناس أمرا معتادا ومألوفا؛ لأنها كما تكون ممنوعة فإنها قد تكون مشروعة فيخف استنكارهم لها لهذا الاعتبار. علما بأن ما ذكره بدعة مطلوبة فيه اصطلاح يغني عنه في الشريعة وهو المصالح المرسلة أو الاستحسان أو ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ونحوها من المصادر الشرعية والقواعد المرعية. فلا حاجة بنا لأن ندرجها تحت أمر غلب استعماله في الذم.

مبحث: تخريج بعض الأحاديث والآثار الواردة بشأن البدعة مدحا وذما بناء على هذين المسلكين.

1 - قوله صلى الله عليه وسلم: «وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (?)» ونحوه من الأحاديث والآثار التي تذم البدع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015