طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد فهم مني وأنا منهم (?)» وذلك أن مسقط الحظ هنا قد رأى غيره مثل نفسه. وكأنه أخوه أو ابنه أو قريبه أو يتيمه أو غير ذلك ممن طلب بالقيام عليه ندبا أو وجوبا وإنه قائم في خلق الله بالإصلاح والنظر والتسديد فهو على ذلك واحد منهم، فإذا صار كذلك لم يقدر على الاحتجان لنفسه دون غيره ممن هو مثله، بل ممن أمر بالقيام عليه كما أن الأب الشفيق لا يقدر على الانفراد بالقوت دون أولاده، فعلى هذا الترتيب كان الأشعريون رضي الله عنهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «فهم مني وأنا منهم (?)» لأنه عليه الصلاة والسلام كان في هذا المعنى الإمام الأعظم وفي الشفقة الأب الأكبر إذ كان لا يستبد بشيء دون أمته، وفي مسلم عن أبي سعيد قال: بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له قال: فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له (?)» قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل " وفي الحديث أيضا أن في المال حقا سوى الزكاة ومشروعية الزكاة والإقراض والحرية والمنحة، وغير ذلك مؤكد لهذا المعنى وجميعه جار على أصل مكارم الأخلاق وهو لا يقضي استبدادا، وعلى هذه الطريقة لا يلحق العامل ضرر إلا بمقدار ما يلحق الجميع أو أقل، ولا يكون موقعا على نفسه ضررا ناجزا، وإنما هو متوقع أو قليل يحتمله في دفع بعض الضرر عن غيره، وهو نظر من يعد المسلمين كلهم شيئا واحدا على مقتضى قوله عليه الصلاة والسلام: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا (?)» وقوله «المؤمنون كالجسد الواحد إذا