أفبعد تزكية الله لهم قرآنا يتلى إلى أن يرث الأرض ومن عليها، ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم عنهم سنة ثابتة كالشمس في رابعة النهار، يجترئ على اتههامهم بنقيصة إلا جاهل مركب أو منحرف عن سبيل المؤمنين قد عرض نفسه للوعيد حيث قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (?).
وما حقيقة الطعن فيهم وحاشاهم إلا الطعن فيما وصل إلى المسلمين بعدهم من الدين الحنيف، قال أهل التحقيق: وأما كعب الأحبار وأمثاله من مسلمة أهل الكتاب كوهب بن منبه فليسوا في عداد المنافقين كما زعمته الصحيفة ولا حتى في عداد الضعفاء من أصحاب الرواية ولا يقدح في عدالته هو وأمثاله إن كانوا يروون أخبارا من كتب قد دخلها التحريف والتبديل قال عنه معاوية رضي الله عنه: " إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب " فهذا القول توثيق لكعب من معاوية وثناء عليه بأنه من أصدق المحدثين، وكون بعض ما يرويه عن أهل الكتاب لا يطابق الواقع فمرجع هذا إلى تلك الكتب المنقول عنها حيث دخلها التحريف والتبديل لا إلى كعب إذ لم يتعمد الكذب، وكقول معاوية قول ابن عباس فيه، بدل من قبله فوقع في الكذب. اهـ.
والتحديث عن بني إسرائيل كما درج عليه السلف الصالح لا حرج فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (?)». رواه البخاري.
وقال ابن حبان في كتاب الثقات تجاه كعب: " أراد معاوية أنه يخطئ أحيانا فيما يخبر به ولم يرد أنه كان كذابا ". اهـ.
وقال ابن الجوزي - رحمه الله: المعنى أن بعض الذي يخبر به كعب عن أهل الكتاب يكون كذبا لا أنه يتعمد الكذب، وإلا فقد كان كعب الأحبار من خيار الأحبار. اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله " في تأويل الحديث يعني فيما ينقله، لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحفه، ولكن الشأن في صحفه أنها كانت من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق. اهـ.