كما لم يمتثل وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه (?)» قال الترمذي حسن صحيح، وقال ابن حبان صحيح وكذا الحاكم.
وقوله: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه (?)» متفق عليه، وقوله في الأنصار: «لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (?)» رواه البخاري، والآيات والأحاديث الدالة على وجوب موالاة السلف الصالح ومودتهم والذب عنهم كثيرة معلومة.
وأما ما شجر بينهم فمسلك النجاة من أثاره هو الكف عنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حيث قال: وأما ما شجر بينهم فالواجب الكف عنه، لأنهم إما مجتهدون مصيبون فلهم أجران، أجر اجتهادهم وأجر ما أصابوا فيه، وإما مجتهدون مخطئون فلهم أجر اجتهادهم والخطأ مغفور لهم.
ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل مغمور في جنب فضائلهم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح.
ومن نظر في سيرتهم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم علما يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله فرضي الله عنهم أجمعين. اهـ.
فموقف كل مسلم من السلف الصالح موقف من أرشده الله فقال: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (?).
ولا يخفى أن ما نسب إلى كعب خاصة وأن ما نسب إلى الصحابة عامة من غفلة دعاوى عارية من العلم والبصيرة، فلا تعويل عليها بحال، كيف وقد زكاهم من يعلم السر وأخفى خالقهم تعالى ولحق رسوله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وهو عنهم راض.