وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من طريق الليث بن سعد بزيادة: «مخافة أن يناله العدو (?)»، وأخرجه مسلم من طريق أيوب السختياني بلفظ: «لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو (?)»، ومن طريق الضحاك بن عثمان بلفظ: «مخافة أن يناله العدو (?)»، وعلقه البخاري من طريق محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر، ومن طريق ابن إسحاق ستتهم عن نافع عن ابن عمر، وقال أبو بكر البرقاني: لم يقل: "كره" إلا محمد بن بشر، ورواه أبو همام عن محمد بن بشر كذلك، ورواه عن عبيد الله بن عمر جماعة، فاتفقوا على لفظة النهي، وقال ابن عبد البر: هكذا قال يحيى بن يحيى والقعنبي وابن بكير، وأكثر الرواة يعني بلفظ: (قال مالك: أراه مخافة أن يناله العدو)، ورواه ابن وهب عن مالك فقال في آخره: «خشية أن يناله العدو (?)» وفي سياقه الحديث لم يجعله من قول مالك. قلت: وتقدم أنه في سنن ابن ماجه من رواية مالك في نفس الحديث وهو عنده من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك قال. وكذلك قال عبيد الله بن عمر وأيوب والليث وإسماعيل بن أمية وليث بن أبي سليم وإن اختلفت ألفاظهم، قال: وهو صحيح مرفوع. وقال القاضي عياض: في الرواية المشهورة عن مالك يحتمل أنه شك هل هي من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أم لا، وقد روي عن مالك متصلا من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- كرواية غيره من رواية عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب، وقال النووي: هذه العلة المذكورة في الحديث هي من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وغلط بعض المالكية فزعم أنها من كلام مالك.
2 - فيه النهي عن السفر بالقرآن، والمراد به المصحف إلى أرض العدو، وهذا محتمل للتحريم والكراهة، وفي لفظ مسلم: «لا تسافروا بالقرآن (?)»، وظاهر هذا اللفظ التحريم، ولفظ رواية محمد بن بشر عن عبيد الله: «كره أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو (?)»، وظاهره التنزيه فقط.
وقد بوب عليه البخاري (باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، وكذلك يروى عن محمد بن بشر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتابعه ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «وقد سافر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن». انتهى وفي بعض نسخه: (باب السفر) بدون ذكر الكراهة، وقد اعتمد في الكراهة على لفظ رواية محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر، وقد عرفت من كلام البرقاني أن المشهور لفظ النهي، على أن لفظ الكراهة يحتمل التحريم أيضا، وقال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالقرآن