وقوله جل وعلا: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (?).
وتعلمون بارك الله فيكم ما حل بالكثير من إخوانكم المسلمين في أفريقيا، وفي السودان بوجه خاص منذ سنوات من جفاف وقحط لاحتباس الأمطار عنهم.
وأنتم أيها المسلمون أولى الناس بمد العون إليهم لأنكم تسمعون وتقرءون كما أسمع وأقرأ عن أخبار جفاف المزارع وهلاك المحاصيل والحيوانات، ومن عدد الذين يموتون جوعا كل يوم من الرجال والأطفال والنساء وأغلبهم من المسلمين، وهؤلاء أخوة لنا في الدين وجيران لنا في الأوطان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (?)» متفق على صحته، ثم اعلموا - بارك الله فيكم - أن المال الذي في أيديكم إنما هو مال الله عز وجل وأنتم مستخلفون فيه، وقد أمركم الله بالإنفاق منه ووعدكم بالخلف فقال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (?).
وقال سبحانه: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (?)، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (?).
ومن بخل أيها الأخوة بماله، أو استغنى عن الأجر من ربه، فليس بمأمن من عقاب الله، وقد يحل به ما حل بإخوانه في أفريقيا والعياذ بالله من فجاءة نقمته، وما ذلك على الله بعزيز فهو القائل وقوله الحق: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (?).