الصليبية التي قادتها الكنيسة، ميراث زائف، وأن الإسلام ليس كما صورته كتب تراثهم، بل إنه دين واضح المعالم، وله مزايا حضارية لا حصر لها. إذ وجدوا أن الطبقة المتعلمة الوحيدة في غرب أفريقيا هي المسلمة، لأن الإسلام حضها على قراءة القرآن الكريم، فتعلمت اللغة العربية، ومبادئ الفقه. وكان هناك فقهاء أفريقيون، تعلموا في الأزهر الشريف في مصر أو جامعة الزيتونة في تونس، يقومون بدورهم بتعليم أبناء المسلمين على نفس المنهج الذي كان يدرس في الجامعات الإسلامية. ولهذا فقد كان المسلمون في غرب أفريقيا هم المصدر الأول للسلطات الأوروبية، للحصول على موظفين يساعدونهم في إدارة المستوطنات، ويكونون حلقة اتصال بين السلطة الأوربية والشعب الأفريقي.

كذلك انبهر المستعمرون الأوروبيون بدقة الشريعة الإسلامية، وعدالتها وسهولة تطبيقها، ففضلوها على العرف القضائي الأفريقي المعقد، لتنوع أشكاله، وغموض تفسيراته. ووجدت السلطات أنه من الأيسر الأخذ بالنظام الإسلامي، وتعيين أعداد من القضاة في القرى والمدن، والأقاليم (?).

وأخيرا وليس آخر رأى المستعمرون الفرنسيون أن غالبية سكان غرب أفريقيا مسلمون، وأن بقاءهم فيها يرتبط برضاء المسلمين عنهم، فحرصوا على احترام الإسلام والمسلمين، كسبا لرضاء الجماهير الأفريقية، فضربت السلطات السياسية الحاكمة بآراء الكنيسة والمبشرين عرض الحائط، وأدارت ظهرها لحقد العصور الوسطى، ومدت يديها لتستعين بالمسلمين. فتعاونت مع زعماء القادرية، والتيجانية، وعملت على كسب رضاهم، بل وساعدتهم إداريا وعسكريا ضد خصومهم حتى وإن كانوا من بين المنشقين عليهم، مثل الطريقة " الحمالية "، التي أسسها الشيخ " حما الله " بهدف العودة بالطريقة التيجانية إلى أصولها الأولى. وبالرغم من أن الشيخ حما الله لم يكن معاديا للفرنسيين، بقدر ما كان معاديا لزعماء الطائفة التيجانية المنشق عليها، إلا أن زعماء التيجانية أرغموا المسلطات الفرنسية على نفي الشيخ حما الله مرتين خارج البلاد، مرة في عام 1925، ومرة أخرى في عام 1942 إلى أن مات في سجنه بفرنسا.

ولقد حاول الفرنسيون كسب رضاء المسلمين في غرب أفريقيا، ببناء عدد من المساجد الجميلة، وبإرسال بعثات رسمية للحج، وافتتحوا المدارس الفرنسية لتعليم أبناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015