أربعين وإما ثمانين، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة.
والقول الثالث: أن لا يزاد في التعزير على عشرة أسواط، وهو أحد الأقوال في مذهب أحمد وغيره.
وعلى القول الأول: هل يجوز أن يبلغ بها القتل مثل قتل الجاسوس المسلم؟ في ذلك قولان: (أحدهما): قد يبلغ بها القتل فيجوز قتل الجاسوس المسلم إذا قصد المصلحة، وهو قول مالك وبعض أصحاب أحمد كابن عقيل، وقد ذكر نحو ذلك بعض أصحاب الشافعي وأحمد في قتل الداعية إلى البدع، ومن لا يزول فساده إلا بالقتل، وكذلك مذهب مالك قتل الداعية إلى البدع كالقدرية ونحوهم.
والقول الثاني: أنه لا يقتل الجاسوس، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي والقاضي أبي يعلى من أصحاب أحمد، والمنصوص عن أحمد التوقف في المسألة.
وممن يجوز التعزير بالقتل في الذنوب الكبار أصحاب أبي حنيفة في مواضع يسمون القتل فيها (سياسة) كقتل من تكرر لواطه أو قتله بالمثقل، فإنهم يجوزون قتله سياسة وتعزيرا؟ وإن كان أبو حنيفة لا يوجب ذلك بل ولا يجوزه فيمن فعله مرة واحدة، وأما صاحباه فمع سائر الأئمة فيخالفون في أنه يجب القود في القتل، وفي وجوب قتل اللوطي إما مطلقا سواء كان محصنا أو غير محصن، كمذهب مالك وأحمد في أشهر روايتيه، والشافعي في أحد قوليه. وإما أن يكون حده مثل حد الزاني كقول صاحبي أبي حنيفة والشافعي في أشهر قوليه، وأحمد في أحد روايتيه.
والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين يوافق القول الأول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بجلد الذي أحلت امرأته له جاريتها مائة، وجلد أبو بكر وعمر رجلا وجد مع امرأة في فراش مائة، وعمر بن الخطاب ضرب الذي زور عليه خاتمه، فأخذ من بيت المال مائة، ثم ضربه في اليوم الثاني والثالث مائة مائة، وليس هذا موضع بسط أصناف التعزير؛ فإنها كثيرة الشعب.