(فصل): وإذا مات من التعزير لم يجب ضمانه، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وقال الشافعي: يضمنه؛ لقول علي: ليس أحد أقيم عليه الحد فيموت فأجد في نفسي شيئا أن الحق قتله إلا حد الخمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه لنا، وأشار على عمر بضمان التي أجهضت جنينها حين أرسل إليها.
ولنا أنها عقوبة مشروعة للردع والزجر، فلم يضمن من تلف بها كالحد، وأما قول علي في دية من قتله حد الخمر، فقد خالفه غيره من الصحابة، فلم يوجبوا شيئا به، ولم يعمل به الشافعي ولا غيره من الفقهاء، فكيف يحتج به مع ترك الجميع له؟
وأما قوله في الجنين: فلا حجة لهم فيه؛ فإن الجنين الذي تلف لا جناية منه ولا تعزير عليه فكيف يسقط ضمانه؟ ولو أن الإمام حد حاملا فأتلف جنينها، ضمنه مع أن الحد متفق عليه بيننا على أنه لا يجب ضمان المحدود إذا أتلف به (?).
وقال ابن تيمية - رحمه الله - (?): وقد تنازع العلماء في مقدار أعلى التعزير الذي يقام بفعل المحرمات على أقوال:
(أحدها): - وهو أحسنها وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما- أنه لا يبلغ في التعزير في كل جريمة الحد المقدر فيها، وإن زاد على حد مقدر في غيرها، فيجوز التعزير في المباشرة المحرمة، وفي السرقة من غير حرز بالضرب الذي يزيد على حد القذف، ولا يبلغ بذلك الرجم والقطع، والقول الثاني: أنه لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود: إما