أي حساب لإظهار شخصيته لأعدائه متحديا لهم غير هياب ولا وجل مما يكتنفه من هذا التحدي على حياته من أخطار.

وليس توليته أول قيادة إلا دليلا على ثقة النبي صلى الله عليه وسلم بقيادة حمزة، لأنها أول مجابهة بين المسلمين والمشركين، ونتائجها تؤثر في معنويات الجانبين تأثيرا حاسما. وهذه الثقة النبوية، لشجاعته ولمزاياه القيادية الأخرى.

وكما كان حمزة موضع ثقة النبي صلى الله عليه وسلم، كان موضع ثقة المسلمين كافة، وكان يبادلهم ثقة بثقة، والثقة المتبادلة من مزايا القائد المتميز.

كما كان موضع محبة النبي صلى الله عليه وسلم وموضع محبة المسلمين جميعا، وكان حمزة يبادلهم حبا بحب وتقديرا بتقدير.

وقد تيسرت لحمزة مزايا القائد الثلاث الرئيسية: الطبع الموهوب، والعلم المكتسب، والتجربة العملية.

فقد وهبه الله طبعا هو طبع القائد الموهوب، فالشجاعة طبع أصيل فيه، وكان ألمعي الذكاء، وهذا أيضا من الطبع الموهوب.

ولعل ثقته العالية بنفسه في القتال، هي نتيجة من نتائج شجاعته وذكائه، فصقل هذا الطبع بالعلم المكتسب في التدريب على استعمال السلاح والفروسية وتحمل المشاق والصبر والمصابرة والإيمان العميق بالقضاء والقدر.

أما تجربته العملية، فقد مارس القتال من نعومة أظفاره في حرب الفجار، إلى استشهاده في غزوة أحد، فسقط مضرجا بدمائه، ولم يسقط من يده السيف.

أما مزايا القائد الفرعية أو الثانوية، فقد كان حمزة يتمتع بأكثرها وأهمها.

فقد كان سريع القرار سليم القرار، ذا إرادة قوية ثابتة، يتحمل المسئولية كاملة ولا يتهرب منها ولا يلقيها على عواتق غيره من القادة أو المرءوسين، له نفسية ثابتة لا تتبدل في حالة النصر أو الهزيمة، وكان عارفا بنفسيات رجاله وقابلياتهم؛ لأنه يعيش معهم ويقضي أكثر وقته بينهم، ذا شخصية نافذة قوية، له قابلية بدنية فذة، وماضي ناصع مجيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015