شجاعته الفائقة هي التي فرضت احترامه الشديد على الناس قبل الإسلام وبعد الإسلام، بالإضافة إلى سجاياه الرفيعة الأخرى، التي يمكن أن أطلق عليها: سجايا الفروسية.
لقد اعتدى أبو جهل المخزومي على النبي صلى الله عليه وسلم فشجه حمزة شجة منكرة في البيت الحرام، وهو بين قومه بني مخزوم، وهم أعز قريش، فقام بنو مخزوم لينصروا أبا جهل، ولكن حمزة تحداهم جميعا بإعلانه الإسلام قائلا: "وما يمنعني وقد استبان لي منه ذلك، أنا أشهد أنه رسول صلى الله عليه وسلم، وأن الذي يقول الحق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين"، فقال أبو جهل: "دعوا أبا عمارة، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا (?).
لقد منع أبو جهل قومه بني مخزوم من نصرته على حمزة، لأنه كان يعلم أن نصرته ستكلفه وتكلف قومه غاليا، فانسحب من تحدي حمزة راضيا بالذل والهوان بين قومه بني مخزوم وحشد رجال قريش، خوفا من حمزة لا إشفاقا عليه، وهكذا تفرض الشجاعة نفسها فرضا على الأعداء والأصدقاء.
وعز الإسلام بحمزة والمسلمون بعد إسلامه، لأنه شجاع لا كالشجعان، وهو الذي جندل رجالات قريش في المبارزة يوم بدر، ويوم أحد أيضا، وفعل بهم الأفاعيل في القتال.
وحسبنا دليلا على مبلغ شجاعته الفائقة ما حظي به من تكريم النبي صلى الله عليه وسلم الذي أطلق عليه: أسد الله، وأسد رسوله.
ولعل أكبر دليل على كفايته القيادية، أن النبي صلى الله عليه وسلم قلده أول لواء في الإسلام، فبعثه على رأس سرية في ثلاثين من المهاجرين، ليتصدى لقافلة قريش بقيادة أبي جهل في ثلاثمائة من المشركين فاصطف الجانبان للقتال، ولكنهما حجزا فلم يكن هناك أي قتال، ولكن أثر سرية حمزة في المشركين من الناحية المعنوية كان عظيما.
وما كان حمزة في كل حياته يخشى أن يقع على الموت أو يقع الموت عليه، لهذا كان يضع علامة في رأسه أو على صدره، يتميز بها عن المجاهدين الآخرين، دون أن يحسب