والترفع عن الدنيات وكل ما تأباه الفطر السليمة والعقول الرشيدة. كالتقرب إلى الله بنوافل الخيرات، وكمراعاة الآداب في الأكل والشرب والمجالس، والتجمل بالملابس وإزالة النجاسة، وترك قتل النساء والصبيان والرهبان في جهاد الكفار، ونحو ذلك مما هو أدب وكمال وزينة وجمال.
وأعلى هذه المقاصد رتبة وأرسخها في حفظ كيان هذا العالم وتقويمه وسيره على سنن مستقيمة وأشدها خطرا عند الإخلال بها هو المقاصد الضرورية. وتليها الحاجيات ثم التحسينيات، بل هما مع اعتبارهما في أنفسهما من الأصول العليا مكملان للمقاصد الضرورية، ولهذا لم يشرع الله تعالى قتلا ولا حدا إلا في الإخلال بالضروريات كلا أو بعضا. أما الحاجيات والتحسينيات فشرع في الإخلال بهما كلا أو بعضا - التعزيرات، والتعزير يرجع في تقديره إلى ولاة الأمور. ومن ولوه شأنا من شئونهم، وذلك على قدر ما يرونه من خطر الإخلال والظروف المحيطة بالمسيء وبجريمته.
هذا وإن المسئولية الكبرى في رعاية هذه المقاصد والمحافظة على كيان الأمة الإسلامية وعلى أمنها وسلامتها علما وعملا لملقاة على عاتق ولاة الأمور من العلماء والحكام عملا بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (?)، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين - وعامتهم (?)».
فعلى علماء الإسلام بيان أحكام الشرع للناس راعيها ورعيتها؛ إنارة للبصائر، وإقامة للحجة عليهم، وإعذارا إليهم، فمن اهتدى بهدي الإسلام فاز، ومن ضل وركب رأسه وجب على الحكام الأخذ على يديه؛ وقاية للأمة من شره، وتطهيرا للمجتمع من خبثه.
والذي يعنينا هنا بيان حكم ما فشا بين الناس اليوم من السطو على البيوت ونحوها، وخطف الصبيان والنساء والتغرير بهم، وتناول المسكرات والمخدرات وبيان جزاء من يفعل ذلك من المجرمين ليرتدع من أراد الله به الخير، وليقوم الحكام بعقوبة من أخذته العزة بالإثم ولج في طغيانه بما يناسب جريمته جزاء وفاقا بما كسبت يداه.