إنشاء مؤسسة معتمدة للترجمة القرآنية:
لا أعتقد أن ما ذكرناه من شروط يمكن أن يتوفر بدقة وموضوعية في ترجمة القرآن، والترجمة كما ذكرت هي نوع من أنواع التفسير والبيان، وفي جميع الأحوال لا يمكن اعتبارها قرآنا؛ لأنها ليست القرآن، وليست من كلام الله، وإنما هي من كلام البشر، ويجوز أن تصحح وتعدل بعض مفرداتها، كما يجري عليها احتمال الخطأ والصواب. .
ومع هذا. . . ولئلا نسمح بالعبث في ترجمة القرآن عن طريق طرح ترجمات متعددة، ربما يشتهر بعضها يوما، فتصبح قرآنا بلغة أخرى، يتداوله عوام المسلمين ممن لم يتوفروا على قدر كاف من الوعي والنضج والإدراك. . فإنني أقترح "تشكيل مؤسسة متخصصة معتمدة" تتوفر على بعض أصحاب الاختصاص اللغوي والشرعي، من المتمكنين في المعاني القرآنية، والقادرين على الترجمة الدقيقة السليمة، وتقوم هذه المؤسسة عن طريق اللجان العلمية المتخصصة بإعداد ترجمة تفسيرية للقرآن، لا أقول معبرة كل التعبير عن كل معاني القرآن، وإنما يمكن أن تكون أفضل من الترجمة الفردية التي لا يتوفر فيها ما يتوفر في الترجمة المعتمدة من إعداد سليم.
وإن مثل هذه المؤسسة ستكون مؤهلة - على وجه التأكيد - لتقديم ترجمة تفسيرية للقرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، لا نجد فيها من ركاكة الترجمة، وعدم الدقة فيها ما نجده في الترجمات المتعددة التي نراها اليوم. . . وأتمنى من أعماق قلبي أن تتصدى الجهات المسئولة في العالم الإسلامي لحمل الأمانة فيما يتعلق بهذا الجانب الهام من الدراسات القرآنية، لكي توقف خطرا لا بد أن يتزايد أثره مع الزمن. . .
محمد فاروق النبهان