عليهم، ولهذا لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن معاني هذه الآيات لظهورها لهم، أما النصوص الأخرى فلا تحتاج إلى تأويل؛ لأن المعنى فيها ظاهر مثل قوله سبحانه {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (?) {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} (?) {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (?) فلا يدور بخلد أحد أن السفينة بعين الله سبحانه ولا أن محمدا عليه الصلاة والسلام في عين الله؛ وإنما المراد بذلك أن السفينة تجري برعاية الله وعنايته وتسخيره لها وحفظه لها، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم تحت رعاية مولاه وعنايته وحفظه وكلاءته، وهكذا قوله في حق موسى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} (?) أي تحت رعايتي وحفظي، وهكذا حديث «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (?)»، يفسره قوله في الرواية الأخرى: «فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي (?)»، ولا يظن من له أدنى بصيرة ممن يعرف اللغة العربية أن المراد بذلك أن الله سبحانه هو سمع الإنسان وبصره وهو يده ورجله. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وإنما أراد من ذلك سبحانه بيان توفيقه لأوليائه وتسديده لهم في حواسهم وحركاتهم بسبب طاعتهم له وقيامهم بحقه، وهكذا الأحاديث الأخرى كقوله: «الحجر يمين الله» فإنه حديث ضعيف، والصواب وقفه على ابن عباس، ومعناه ظاهر سواء كان مرفوعا أو موقوفا، وقد قال في نفس الحديث: «فكأنما صافح الله وقبل يمينه»، فدل على أن الحجر ليس هو يمين الله، وإنما شبه مستلمه ومقبله بمن صافح الله وقبل يمينه ترغيبا في استلامه وتقبيله، وهكذا قول الله سبحانه في الحديث الصحيح لعبده «مرضت فلم تعدني وجعت فلم تطعمني (?)»، قد بين في الحديث ما يدل على معناه حيث قال سبحانه: «أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي (?)»، فعلم بذلك أن الله سبحانه لم يمرض ولم يجع وإنما أراد سبحانه من ذلك حث العباد على عيادة المريض وإطعام الجائع.

وأما قوله سبحانه: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (?) وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ} (?) فقد فسره جماعة بقرب الملائكة؛ لأن قربهم من العبد حين يتلقى المتلقيان وحين الموت كان بأمره سبحانه وتقديره ورعايته لعباده، وفسره آخرون بأنه قربه سبحانه بعلمه وقدرته وإحاطته بعباده كالمعية وكقربه من عابديه وسائليه مع علوه وفوقيته سبحانه، وليس المراد الحلول ولا الاتحاد، تعالى الله عن ذلك وتقدس؛ لأن الأدلة القطعية من الكتاب والسنة تدل على أنه سبحانه فوق العرش بائن من خلقه عال عليهم وعلمه في كل مكان، فمن تدبر النصوص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015