أبو إسحاق الفزاري، عن إبراهيم بن كثير: سمعت عمارة بن غزية، قال: دخل أبو أيوب على معاوية، فقال: صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سمعته يقول: يا معشر الأنصار، إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا فبلغت معاوية، فصدقه، فقال: ما أجرأه! لا أكلمه أبدا، ولا يئويني وإياه سقف. وخرج من فوره إلى الغزو، فمرض ; فعاده يزيد بن معاوية، وهو على الجيش، فقال: هل لك من حاجة؟ قال: ما ازددت عنك وعن أبيك إلا غنى ; إن شئت أن تجعل قبري مما يلي العدو. . . الحديث.
الأعمش، عن أبي ظبيان، قال: أغزى أبو أيوب، فمرض، فقال: إذا مت فاحملوني، فإذا صاففتم العدو، فارموني تحت أقدامكم. أما إني سأحدثكم بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سمعته يقول: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة إسناده قوي.
جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه قال: أتيت مصر، فرأيت الناس قد قفلوا من غزوهم، فأخبروني أنهم لما كانوا عند انقضاء مغزاهم حيث يراهم العدو، حضر أبا أيوب الموت ; فدعا الصحابة والناس، فقال: إذا قبضت، فلتركب الخيل، ثم سيروا حتى تلقوا العدو، فيردوكم، فاحفروا لي، وادفنوني، ثم سووه! فلتطأ الخيل والرجال عليه حتى لا يعرف، فإذا رجعتم، فأخبروا الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أخبرني: أنه لا يدخل النار أحد يقول: لا إله إلا الله.
قال الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز: أغزى معاوية ابنه في سنة خمس وخمسين في البر والبحر، حتى أجاز بهم الخليج، وقاتلوا أهل القسطنطينية على بابها، ثم قفل.
وعن الأصمعي، عن أبيه: أن أبا أيوب قبر مع سور القسطنطينية، وبني عليه، فلما أصبحوا، قالت الروم: يا معشر العرب، قد كان لكم الليلة شأن. قالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا، والله لئن نبش، لا ضرب بناقوس في بلاد العرب. فكانوا إذا قحطوا، كشفوا عن قبره، فأمطروا.