كما في هذه السورة، والنساء، وكما في سورة لقمان والعنكبوت وفي الأحقاف وغيرها. وصية بحق الوالدين توجب حقهما، وتوجب الإحسان إليهما، فتحسن إليهما قولاً، لتخاطبهما بكل خطاب لين، قال جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
إذًا فالإحسان بالقول الطيب، ثم الدعاء لهما أن يحسن الله إليهما وأن يجازيهما عنك خيراً، ثم الإحسان بالنفقة والإحسان بالسكنى، والإحسان بالخدمة، والإحسان بالسمع والطاعة لهما في المعروف، فإن هذا من البر بالأبوين يجعل فيه خيرًا كثيرًا، وعملاً عظيماً، ليبارك الله للعبد في عمره، ويبارك له في ولده، ويبارك له في ماله، ويبارك له في أوقاته، يهيئ الله له من ذريته من يخدمونه، ويحسنون إليه، ويرعون حقه، ويقوم بواجبه جزاء لما قدم للوالدين من الخير العظيم. النبي صلى الله عليه وسلم جعل بر الوالدين مقدمًا على جهاد التطوع، فإنه لما قال له رجل: «يا رسول الله، إني أبتغي الجهاد؟،