{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (?).
هذا هو الأصل والحق في الدعوة وهو الذي فيه الخير والمصلحة؛ لأن الحكمة من الجهاد هو إدخال الناس في الخير، وتحقيقه لهم، وليس الهدف هو استغلال الجهاد لأمور دنيوية وحظوظ شخصية.
ومما يوضح الحرص على جعل الأولوية في الدعوة بالحكمة والصبر ما ثبت في البخاري يوم خيبر، حين أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الراية لعلي رضي الله عنه، فقال علي: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: «على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم (?)»
هذا هو الوحي والشرع، والأسوة الحسنة، وفيه كل الخير، وما خالفه ليس فيه إلا الشر.
وهذا مع يهود خيبر الذين لا يجهل أحد ما قاموا به من مؤامرات ودسائس، وتعاون مع قريش والمنافقين، وحتى بعد إخراجهم من المدينة جعلوا من خيبر مركزا لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم وإضعاف المسلمين. ومع هذا كله لم يستعجل النبي صلى الله عليه وسلم في مهاجمتهم، بل ولم يطمع في ذريتهم وأموالهم وسفك دمائهم، بل كان يرجو أن يسمع أذانا أو استجابة، وهذه من أحكام وآداب الجهاد التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم تعليمها لأمته.