لكن هذا البصر إن اتصل به نور الشمس، أو ضوء النار، صار أشد قوة وإبصارا، وإن انفرد بنفسه، ضعف.
كذلك صاحب العقل إن وصله بنور الإيمان والقرآن، اهتدى وسعد. وإذا لم يتصل بهما عجز عن إدراك الأمور التي لا يكمن أن يستقل بإدراكها.
وهذا معنى قول ابن تيمية (ت 728هـ) عن العقل، إنه: (بمنزلة قوة البصر التي في العين؛ فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار. وإن انفرد بنفسه، لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها) (?).
وهذا التشبيه الرائع من ابن تيمية - وممن سبقه - ينطبق على أولئك الذين اعتصموا بالكتاب والسنة، وعلى مخالفيهم الذين اتكلوا على عقولهم، معرضين عن الاهتداء بنور الوحي، فعموا عن الحق، وضلوا عنه، وآل أمرهم إلى التخبط والحيرة.
ويصدق علمهم قول الله عز وجل عن بنى أدم عليه السلام: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (?) {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (?) {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} (?) {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} (?)