جليس هذا هو الذي يظهر لحواسنا من فترة البرزخ.
وأما حديث الوحي عنها: فإما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، (إما) حواصل طيور خضر تسبح في فراديس الجنة، ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا، {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (?) {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ} (?).
(وإما) النار: {يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} (?).
هذه صورة ثالثة من صور حياة الإنسان وكل هذه الأطوار صور للحياة الأولى في هذه الدنيا، أما الصورة الرابعة فهي الحياة الآخرة، ولها خصائص ونواميس غير ما للحياة الدنيا، لأن الله تعالى حكم ببقائها منحة منه وفضلا {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (?) وجعل لها سننا ونواميس لا نعلمها نحن الآن، فمثلا لا ينال أهلها في الجنة منغصات ولا شيب، ولا مرض، ولا هرم. . .
كما لا يلحق أهل النار فيها موت يريحهم، ولا إيلاف يخفف من عذابهم، بل {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} (?) ولو كانت سنن الحياة الدنيا تسري عليها لانصهروا وماتوا.
ويكفي أن نعرف عن هذه الحياة الآخرة أنها آتية لا ريب فيها، وأن كل ما حدثنا به القرآن الكريم، والنبي الصادق الأمين عنها فلا بد منه.
أما تفاصيل نواميسها، وقوانين نظامها، فمن رحمة الله بنا أنه لم يكلفنا بذلك، لأنه سبحانه لا يكلف عباده إلا بما يطيقون {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (?).