المعروف فيكون تعزيرا وتقريرا وليس على المتولي أن يرسل جميع المتهمين حتى يأتي أرباب الأموال بالبينة على من سرق. اهـ (?).

* وقال الشاطبي - رحمه الله - (?) ما نصه: إن العلماء اختلفوا في الضرب بالتهم. وذهب مالك إلى جواز الضرب وهو عند الشيوخ من قبيل تضمين الصناع، فإنه لو لم يكن الضرب والسجن بالتهم لتعذر استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصاب، إذ قد يتعذر إقامة البينة، فكانت المصلحة في التعذيب وسيلة إلى التحصيل بالتعيين والإقرار.

* فإن قيل هذا فتح باب تعذيب البرئ قيل: ففي الإعراض عنه إبطال استرجاع الأموال، بل الإضراب عن التعذيب أشد ضررا، إذ لا يعذب أحد لمجرد الدعوى بل مع اقتران قرينة تحيك في النفس وتؤثر في القلب نوعا من الظن، فالتعذيب في الغالب لا يصادف البرئ، وإن أمكن مصادفته فيغتفر كما اغتفر في تضمين الصناع، فإن قيل لا فائدة في الضرب وهو لو أقر لم يقبل إقراره في تلك الحال، فالجواب إن له فائدتين إحداهما: أن يعين المتاع فتشهد عليه البينة به وهي فائدة ظاهرة، والثانية: أن غيره قد يزدجر حتى لا يكثر الإقدام فتقل أنواع هذا الفساد. وقد عد له سحنون فائدة ثالثة، وهي الإقرار حالة التعذيب بأن يؤخذ عنده بما أقر في تلك الحال، قالوا: وهو ضعيف فقد قال الله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (?) ولكن سحنون نزله على من أكره بطريق غير مشروع كما إذا أكره على طلاق زوجته، أما إذا أكره بطريق صحيح فإنه يؤخذ به كالكافر يسلم تحت ظلال السيوف فإنه مأخوذ به، وقد تتفق له بهذه الفائدة على مذهب غير سحنون إذا أقر حالة التعذيب ثم تمادى على الإقرار بعد أمنه فيؤخذ به. اهـ.

والمقصود مما سبق إيراده أن الشريعة الإسلامية لم تتجه الاتجاه الذي اتجهه القانون العام واقتبست منه القوانين المختلفة حول النص على براءة المتهم حتى تثبت إدانته، ذلك أن الاتهام في حد ذاته أمر ينقدح في الذهن ويعطي أحد طرفي المتردد فيه رجحانا يجيز للفكر الصادق التهمة بمن وجه إليه الاتهام إما لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015