وشرط عليهم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فغيبوا مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم حيي بن أخطب: ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير؟ قال أذهبته النفقات والحروب، قال: العهد قريب والمال أكثر من ذلك، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزبير فمسه بعذاب، وقد كان قبل ذلك دخل خربة فقال قد رأيت صبيا يطوف في خربة ههنا فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق - وأحدهما زوج صفية - بالنكث الذي نكثوا.
قال ابن القيم - رحمه الله - بعد إيراده هذه القصة: ففي هذه السنة الصحيحة الاعتماد على شواهد الحال والأمارات الظاهرة وعقوبة أهل التهم. اهـ (?).
* والزم علي بن أبي طالب رضي الله عنه الظعينة التي حملت خطاب حاطب بن أبي بلتعة لقريش بضرورة إخراجها الخطاب حينما أنكرته، وقال: لها لتخرجن الكتاب أو لنجردنك، فلما رأت الجد أخرجته من عفاصها. ومشروعية القسامة في الدماء والأموال نوع من العمل بالقرائن والأمارات والحكم بالقسامة اعتماد على ظاهر الأمارات المقوية جانب الدعوى حيث جاز للمدعي بها ولأجل القرائن أن يحلف أيمان القسامة ويستحق دم المدعى عليه أو دية مورثه مع أنه لم ير ولم يشهد.
* وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، وابن القيم في كتابه الطرق الحكمية، وابن فرحون في كتابه تبصرة الحكام، وأبو الحسن الطرابلسي في كتابه معين الحكام، وابن الشحم في كتابه لسان الحكام. ذكروا - رحمهم الله - مجموعة من الشواهد والوقائع على العمل بالقرينة في تقوية جانب الادعاء على المتهم لولا خوف الإطالة لاستعرضناها.
* فلو قلنا ببراءة المتهم حتى تثبت إدانته لتعين علينا طرح قرائن الاتهام لأنها - على الصحيح مما اتجه إليه المحققون من أهل العلم - ليست طرق إثبات بمفردها، ولاضطررنا إلى تعطيل الكثير من روافد الإثبات من قرائن وأحوال وملابسات وأمارات، ولكان حبس المتهم ومسه بالعذاب للتحقيق معه في دعوى التهمة ضربا من الظلم والطغيان، ولكان الحكم بالقسامة ضربا من الجور والعدوان، ولا يقول