الحمد لله وأستعينه وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين وسيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا
وبعد، فلقد أجمعت القوانين الوضعية أو كاد إجماعها ينعقد على براءة المتهم حتى تثبت إدانته. وحيث إن الاتهام في حد ذاته تختلف مقومات اعتباره باختلاف الأحوال والظروف والملابسات المحيطة به وباختلاف القرائن المقوية للاتهام أو المهونة من أمره، وحيث إن المتهم نفسه قد يكون في حد ذاته أهلا للاتهام إما لسوابقه وقدم سبقه في الإجرام أو لأن مثله حري بالإجرام، أو لأن حاله توحي بالإجرام وتغري به، وحيث إن التهمة نفسها منزلة بين البراءة التامة وبين ثبوت الجريمة، لذلك كله فإن القول ببراءة المتهم حتى تثبت إدانته قول لا يتفق مع معنى الاتهام في اللغة ولا يلتقي مع مبدأ أخذ المتهم والتحقيق معه حتى لو آل أمر التحقيق معهن إلى حبسه وضربه. كما أن القول بثبوت الإجرام بالاتهام فقط قول لا يتفق مع العدل والإنصاف والبراءة الأصلية، وحيث إن هذا المبدأ القانوني قد أخذ به مجموعة من فقهاء التشريعات السماوية والوضعية واعتبروه من النظريات البديهية التي لا تقبل الجدل أو التردد في الاعتبار فقد بدا لي أن أكتب في نظرية براءة المتهم حتى تثبت إدانته وحظها من الاعتبار في الشريعة الإسلامية ومناقشة ذلك في ضوء معنى الاتهام وحجم الاتهام وحال الاتهام وتقييم أخذ المتهم بتهمته ظلما أو عدلا.
* المتهم اسم مفعول من اتهم يتهم فهو متهم اسم مفعول مزيد بالألف والتاء وأصله قبل الإبدال اوتهم على وزن افتعل فأبدلت الواو التي هي فاء الكلمة تاء وأدغمت في تاء الافتعال فصار بعد الإبدال والإدغام اتهم.