الأدلة، ويؤيد ذلك قوله في الحديث: «فيحلون الحرام ويحرمون الحلال».

ومن استعمال القياس بمعنى الرأي في عصر الصحابة - رضوان الله عليهم - ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: " قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون، ويتخذ الناس رؤساء جهالا يقيسون الأمور برأيهم ". . . (?) إلي غير ذلك من الأحاديث والآثار الكثيرة.

ومن هذا يظهر أن كلمة (القياس) قد استعملت في عصر الصحابة بالمعنى الذي تعارف عليه الفقهاء، ولم يكن استعمالها اصطلاحا جديدا، كما قال ذلك المستشرقون، ومن نحا نحوهم وقال بقولهم.

ثانيتها: أن عمر بن الخطاب نفسه لم يعمل ببعض ما في هذا الكتاب، وهو جملة (المسلمون عدول بعضهم على بعض) وهي تعني قبول شهادة جميع المسلمين، وأن الأصل في كل واحد منهم العدالة، عدا من تعرضت عدالتهم بالشك، حيث ثبت رجوع عمر بما رواه مالك في الموطأ بقوله: (والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول) ثم إن مضمون هذه الجملة يخالف قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (?) وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (?) قالوا: وكذلك الفقهاء من أصحاب القياس حنفيهم ومالكيهم وشافعيهم لا يقولون بهذا القول - عدالة المسلمين بعضهم على بعض - ولو صح في تلك الرسالة في القياس حجة فقوله في أن المسلمين عدول كلهم إلا مجلودا في حد حجة، وإن لم يكن قوله في ذلك حجة، فليس قوله في القياس حجة ولو صح، فكيف ولم يصح (?).

* والرد على ذلك: إنما ذكر في تفسير عدالة الشهود ليس بمذهب عمر حيث قال بعد ذلك (فإن الله تبارك وتعالى تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان) يريد بذلك أن من ظهرت فيه علانية خير فقبلت شهادته، ووكل أمر سريرته إلى الله سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه لم يجعل أحكام الدنيا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015