بتسجيل أسماء ولاة عمر على الأمصار، والتغييرات التي تطرأ عليهم من عزل ووفاة، وكذا في الكامل لابن الأثير الجزري (ت 630هـ) (أن أهل الكوفة بعد أن طلبوا من عمر أن يعزل واليه عليهم عمار بن ياسر: لأنه ليس خبيرا بشئون الولاية ولا يدري علام استعمله عمر، أشاروا على عمر أن يولي عليهم أبا موسى الأشعرى، فولاه عليهم، ثم إنهم طلبوا عزله عن الكوفة بعد ذلك بسنة؛ لأن له غلاما يتجر في بعض أرزاقهم فعزله عمر عنها، وصرفه إلى البصرة، وبعث عليهم (المغيرة بن شعبة)، وقال ابن الأثير (دخلت سنة إحدى وعشرين وفيها عزل عمر بن الخطاب عمار بن ياسر عن الكوفة، واستعمل أبا موسى فأقام فيهم سنة) (?).
وبهذا يتبين أن أبا موسى كان واليا لعمر على الكوفة مدة من الزمن، وهذا بخلاف ما توصل إليه بعض الباحثين - ممن يقولون بصحة هذه الرسالة - من أنه بالتحقيق ثبت أن عمر لم يول أبا موسى الأشعرى قضاء الكوفة، وأنه ليس هنا رواية معتمدة يعول عليها في ذلك (?).
والحاصل أن مدة الولاية لم تكن طويلة مما جعل بعض المؤرخين وكتاب السير يغفلونها، ولا يعبئون بذكرها سوى الإشارة إليها من قبل ابن خلدون عند ذكر هذه الرسالة: مع أن كل المصادر التي ذكرناها من قبل لم تنص على شيء من ذلك: بل اكتفت بذكرها على أنها لأبي موسى والي عمر دون قيد بمكان.
وقد ولي أبو موسى لعمر البصرة أيضا بعد المغيرة بن شعبة، إلا أن هناك رواية تفيد أن عمر عينه واليا، وثانية تفيد أنه عينه قاضيا.
وإزاء ذلك يتساءل المنكرون لكتاب عمر كيف يعينه قاضيا على البصرة وفي الوقت نفسه يعين كعب بن سور قاضيا عليها، مع أنهما ظلا بالبصرة معا حتى موت عمر؟ وأخذوا بالرواية التي تصادف ما في نفوسهم من أبا موسى لم يل لعمر إلا إمرة البصرة، وبنوا على ذلك من أنه لم يل القضاء بحال من الأحوال ليصلوا من وراء ذلك إلى نفي كتاب عمر.