يعتبر هذا الكتاب- في مضمونه- دستورا قويما في نظام القضاء والتقاضي، ومصدرا من مصادر أصول المحاكمات، كما يعتبر- في أسلوبه- مثالا يحتذى في البلاغة والإيجاز والترسل، تلقاه العلماء بالقبول، وعنى به المؤلفون والكتاب والمؤرخون والأدباء والباحثون، وقام كثير من الفقهاء بتفسيره والتعليق عليه، وقد أفاض ابن القيم في شرحه في كتابه "أعلام الموقعين" وقال عنه (وهذا كتاب جليل القدر، تلقاه العلماء بالقبول، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه، وإلى تأمله والتفقه فيه) (?) ويقول ابن سهل من المالكية (وهذه الرسالة أصل فيما تضمنته من فصول القضاء ومعاني الأحكام، وعليها احتذى قضاة الإسلام، وقد ذكرها كثير من العلماء وصدروا بها كتبهم، ومنهم: عبد الملك بن حبيب) (?) (ت238هـ.).
كما اعتبر مؤرخو الآداب الإسلامية هذا الكتاب من جملة النصوص الهامة، فساقوه في مؤلفاتهم كمثال لأسلوب صدر الإسلام في البلاغة، وسلاسة اللفظ وإحكام الفكرة، وقلما يوجد مؤلف قديم أو حديث إلا عرض لهذا الكتاب أو أشار إليه، وقد ترجم إلى أكثر لغات العالم، وكان إميل تيان ممن ترجمه إلى الفرنسية في كتابه في (تاريخ التنظيم القضائي في بلاد الإسلام) وممن ترجمه إلى الإنجليزية الأستاذ هنري كتن، وترجمه هامر الألماني إلى الألمانية (?).