العتيق، والتنقل بين تلك المشاعر المقدسة، وأداء تلك المناسك العظيمة، راجين ما عند الله من الرحمة والرضوان، والعفو عما سلف وكان من الذنوب والعصيان، «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (?)»، أما من لم يتيسر له الحج، فقد وفق- بإذن الله- للاجتهاد في أيام العشر الفاضلة، وتعرض لنفحات المولى جل وعلا في أيامها المباركة؛ حيث الصلاة والصيام، والتكبير وتلاوة القرآن.
إنه ليس شيء أحب إلى المؤمن الصادق من أن يبذل ما يملك ويترك ما يحب، من أجل نيل رضا ربه عنه، ومغفرته ذنوبه، ومحو زلاته، وإقالة عثراته، لذا فقد ترك الزوجة والأولاد، وهجر المال والدار، متجشما الصعاب، متحملا المتاعب في سبيل الوصول إلى، أشرف بقعة وأطهر مكان، ليتنقل بين شعائرها بقلب منيب وجل خائف، أمله في الله لا ينقطع، ورجاؤه في رحمة أرحم الراحمين لا يخيب.
ومع هذا البذل والعطاء وتلبية النداء، فإن الخسارة العظمى والفادحة الكبرى، لمن رجع من حجه على غير طائل، خرج من حجه خائبا محروما، لم يظفر من حجه إلا الذهاب والإياب، والجهد والمشقة، والنصب والتعب والعناء، نعوذ بالله من الخذلان، لذا فقد كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله،