لذا فقد بذل علماء السنة والجماعة جهودا ظاهرة في خدمة السنة النبوية، تأليفا وتحقيقا وتعليما وحثا للناس على التمسك بها وإرشادا إليها، تلك الجهود المبذولة، التي فنيت فيها الأعمار، وتجشمت من أجلها الأخطار، وأوثر في سبيلها الإعسار على الإيسار، فوصلت إلينا سنة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- محفوظة مكلوءة بعناية الله، لينصب جهدنا في تعلمها وتعليمها، ودعوة الناس إلى العمل بها، وفي أولئك يقول أبو عبد الله الحاكم: (قوم سلكوا محجة الصالحين، واتبعوا آثار السلف من الماضين، ودمغوا أهل البدع والمخالفين لسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين) (?).
إن شرف المؤمن ومنزلته إنما تقاس باتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلما كان تحريه للسنة عملا بها أكثر، كان بالدرجات العلى أحق وأجدر، قال عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?) قال الحسن البصري: (فكان علامة حبهم إياه، اتباع سنة رسوله عليه الصلاة والسلام) (?)، ولقد حثنا صلوات الله وسلامه عليه على الأخذ