فالذي بيده الخلق والرزق، والحكم بين العباد في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه ويمجد، دون من لا يملك نفعا، ولا ضرا، ولا عطاء ولا منعا، ولا موتا ولا حياة، ولا نشورا؛ ولهذا قال تعالى: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} (?) لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، فلا تغني شفاعتهم عني شيئا {وَلَا يُنْقِذُونِ} (?) من الضر الذي أراده الله بي إني إذا أي: إن عبدت آلهة هذا وصفها لفي ضلال مبين فجمع في هذا الكلام بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة، بالاهتداء والإخبار بتعين عبادة الله وحده.
وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها والإخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرا، مع خوفه الشديد من قتلهم فقال: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} (?) فقتله قومه لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به قيل له في الحال: {ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ} (?) مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} (?) {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} (?) أي: بأي شيء غفر لي فأزال عني أنواع العقوبات {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} (?) بأنواع المثوبات والمسرات، أي: لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم، لم يقيموا على شركهم (?).
ومن خلال استعراضنا السريع لتجربة نبي الله إبراهيم عليه