النموذج الثاني:
لرجل صالح ذكره الله في القرآن فقال: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} (?) الآيات، قال ابن عباس: هو حبيب النجار، سمع بهؤلاء المرسلين الذين أرسلهم عيسى عليه السلام إلى أهل أنطاكيا، فجاءهم فأسلم وقال لهم: تسألون أجرا فقالوا: لا، فقال لقومه داعيا لهم: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (?) {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (?). لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا عما يشهد العقل الصحيح بقبحه، وكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل وإخلاص الدين لله وحده، فقال: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (?) أي: وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة؟ لأنه هو الذي خلقني وفطرني ورزقني، فإليه مال جميع الخلق فيجازيهم بأعمالهم.