سبحانه قد أخبر في كتابه أن هذا الكتاب محفوظ في صدور الرجال، يقول الله سبحانه: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (?) {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} (?)، فأخبر سبحانه أنه في صدور العلماء محفوظ، وهذا يصدق الحديث القدسي الذي فيه: «إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت معك كتابا لا يغسله الماء (?)». . . أخرجه مسلم والمعنى أن الماء لا يمحوه إذ هو محفوظ في الصدور.
وقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يحفظ شيئا من القرآن بالبيت الخرب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب (?)» أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. وقد تقدمت معنا الأحاديث الدالة على إكرام حامل القرآن وعظيم منزلته.
وحفظ القرآن مشروع للمسلم، والقدر الواجب عليه منه هو ما يحتاج إليه في تصحيح عبادته، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. " وأما حفظ جميع القرآن وفهم جميع معانيه ومعرفة جميع السنة فلا يجب على كل أحد، لكن يجب على العبد أن يحفظ من القرآن ويعلم معانيه ويعرف من السنة ما يحتاج إليه " (?) اهـ.