7 - علمنا مما تقدم أن النصارى ليس عندهم أسانيد متصلة ولا منقطعة لكتبهم المقدسة، وإنما بحثوا ونقبوا في كتب الأولين والآخرين وفلوها فليا لعلهم يجدون فيها شبهة دليل على أن لها أصلا كان معروفا في القرون الثلاثة الأولى للمسيح، ولكنهم لم يجدوا شيئا صريحا يثبت شيئا منها، وإنما وجدوا كلمات مجملة أو مبهمة فسروها كما شاءت أهواؤهم وسموها شهادات ونظموها في سلك الحجج والبينات، وإن كانت هي أيضا غير منقولة عن الثقات، تم استنبطوا من فحواها ومضامينها مسائل متشابهة زعموا أن كلا منها يؤيد الآخر ويشهد له، وقد أشرنا إلى ضعف كل واحدة من هاتين الطريقتين.
فثبت بهذا البيان الوجيز صدق قول القرآن المجيد: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (?). وثبت به أنه كلام الله ووحيه، إذ ليس هذا مما يعرف بالرأي حتى يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اهتدى إليه بعقله ونظره.
ونظير هذه العبارة وأمثالها في الدلالة على كون القرآن من عند الله تعالى قوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} (?). فأنت ترى مصداق هذا القول بين فرقهم وبين دولهم لم ينقطع زمنا ما.