ولم يذكر هذا ولا ذاك تاريخ كتابة هذا الإنجيل، وقد روي عن ابرنياوس أنه كتبه بعد موت بطرس وبولس فلم يطلعا عليه. فكيف نثق بأنه وعى ما سعه من بطرس وأداه كما سمعه؟ هذا إذا صحت نسبته إليه بسند متصل، ولن تصح.
(إنجيل لوقا): قال في الذخيرة: إن لوقا كان من أنطاكية. ومن الشراح من ظن أنه إغريقي متهود؛ لأنه لا يذكر الكتاب المقدس إلا نقلا عن الترجمة السبعينية. ومنهم من قال: إنه وثني هاد إلى الحق وارتد إلى الدين القويم. وقال: لوقا كان تلميذا ومعاونا لبولس.
ثم قال ما نصه: وقد أغفل متى ومرقس بعض حوادث وأمور تتعلق بسيرة المسيح، وقام بعض الكتبة واختلقوا ترجمة مموهة ليسوع المسيح، وكثيرا ما فاتهم فيها الرواية والتدقيق، فبعث ذلك بلوقا على وضع إنجيله ضنا بالحق، فكتبه باليونانية وجاء كلامه أصح وأفصح وأشد انسجاما من كلام باقي مؤلفي العهد الجديد. وذهب كثير من المحققين إلى أنه كتب إنجيله في السنة 53 للمسيح، وقيل: بل سنة 51.
ثم ذكر الخلاف في المكان الذي كتبه فيه وبين غرضه منه، فقال في آخره: وأن يكشف النقاب عن الأغلاط المدخولة في تراجم حياة المسيح المموهة - أي الأناجيل التي ردتها الكنيسة بعد - وينفي كل ركون إليها، ثم يبين أنه كان يحمل إنجيلي متى ومرقس وأنه اقتبس منها ما وافقهما فيه. ثم عقد فصلا لما اعترض به على ما حذفوه وأسقطوه من هذا الإنجيل؛ لأنهم رأوه لا يليق بالمسيح أو لعلة أخرى.