أنهم كانوا كرسل المسيح ويشتبهون بهم كما يشتبه الشيطان بالملائكة إذ يغير شكله إلى ملاك نور.
وفي الفصل الخامس عشر من (سفر الأعمال) ما يوضح هذه المسألة، وهو أن اليهود كانوا ينبثون بين المسيحيين ويعلمونهم غير ما يعلمهم رسل المسيح، وأن المشايخ والرسل أرسلوا برنابا وبولس إلى أنطاكية ليحذروا أهلها من هؤلاء المعلمين الكاذبين، وأن بولس وبرنابا تشاجرا وافترقا هنالك، وهما ما تشاجرا وافترقا إلا لاختلافهما في حقيقة تعليم المسيح. فبرنابا يذكر في مقدمة إنجيله أن بولس كان من الذين خالفوا المسيح في تعليمه.
ولا شك أن برنابا أجدر بالتقديم والتصديق من بولس؛ لأنه تلقى عن المسيح مباشرة، وكان بولس عدوا للمسيح والمسيحيين. ولولا أن قدمه برنابا للرسل لما وثقوا بدعوة التوبة والإيمان بالمسيح، ولكن النصارى رفضوا إنجيل برنابا المملوء بتوحيد الله وتنزيهه وبالحكمة والفضيلة وآثروا عليه رسائل بولس وأناجيل تلاميذه ومرقس وكذا يوحنا كما حققه بعض علماء أوربة؛ لأن تعاليم بولس كانت أقرب إلى عقائد الرومانيين الوثنية، فكانوا هم الذين رجحوها ورفضوا ما عداها، إذ كانوا هم أصحاب السلطة الأولى في النصرانية، وهم الذين كونوها بهذا الشكل.