إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض " (?). ولذا كان شرع الجلد بمحضر طائفة من المؤمنين {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (?) ليكون ذلك أبلغ في الردع، وأقوى في التأديب، وأجدى في الإصلاح. كما أن الجلد يكون بسوط وسط، لا جديد فيجرح، ولا خلق فلا يؤلم، وأن يكون الضرب وسطا، لا شديد فيقتل، ولا ضعيف فلا يردع.
الوجه الخامس: ثم إليك عقوبة السرقة فيما لم يبلغ ثمنه النصاب، يجترئ السارق فيها على ضروري من الضروريات الخمس التي تتفق الشرائع على حفظها، وهو المال، ويفسد على الناس معاشهم، ويخل بأمنهم على أموالهم، ويهدر حقوقهم، وينتهك حرمة أموالهم، تلك الحرمة التي لا تقل عن حرمة دمائهم وأموالهم، ولذلك قرنت بها حين قام المصطفى صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الحج الأكبر بمنى، قائلا: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا (?)» متفق عليه. كل ذلك ولم يقض