الشافعية والحنابلة من أنه لا يجوز أن يبلغ في التعزير في كل جناية حدا مشروعا في جنسها ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها، هو الأولى بالتقديم، للأوجه التالية:
أحدها: أن ما ذهب إليه الحنفية والشافعية من القول بعدم جواز أن يبلغ الجلد في التعزير الحد فما فوق، قول لا يقوى مع ضعف دليلهم " من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين " كما قدمنا (?). كما أن استدلالهم بما روي عن علي مع النجاشي، فغايته أنه حكاية فعل عن صحابي، فليس فيه تحديد من الخليفة الراشد، أو توقيف في جلد التعزير لا يصح تجاوزه، بل هو اجتهاد رآه في كفاية تأديب من هذه حاله، والله أعلم.
الثاني: أما ما ذهب إليه المالكية، فليس لديهم متمسك تصح المعارضة به (?). ثم إن العقوبة على قدر الإجرام والمعصية، والمعاصي المنصوص على حدودها أعظم من غيرها مما هو من جنسها، فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأمرين عقوبة أعظمها، فإن ما قالوا يؤدي إلى أن من قبل امرأة حراما يضرب أكثر من حد الزنى، وهذا غير جائز؛ لأن الزنى مع عظمه وفحشه، لا يجوز أن يزاد على حده، فما دونه أولى (?). وأما حديث معن (?) فلم يثبت، وعلى تقدير ثبوته فيحتمل أنه كانت له ذنوب كثيرة، فأدب على