تكون من غيره. . . . " إلخ، قال: فظهر أن رائحة الخمر مما تلتبس بغيرها فلا يناط شيء من الأحكام بوجودها، ولا بذهابها. ولو سلمنا أنها لا تلتبس على ذوي المعرفة فلا موجب لتقييد العمل بالبينة بوجودها؛ لأن المعقول تقييد قبولها بعدم التهمة، والتهمة لا تتحقق في الشهادة بسبب وقوعها بعد ذهاب الرائحة، بل بسبب تأخير الأداء تأخيرا يعد تفريطا، وذلك منتف في تأخير يوم ونحوه، وبه تذهب الرائحة.
أجاب المصنف وغيره بما حاصله: أن اشتراط قيام الرائحة لقبول الشهادة عرف من قول ابن مسعود، وهو ما روى عبد الرزاق: حدثنا سفيان الثوري، عن يحيى بن عبد الله التميمي الجابر، عن أبي ماجد الحنفي قال: جاء رجل بابن أخ له سكران إلى عبد الله بن مسعود، فقال عبد الله: ترتروه ومزمزوه واستنكهوه، ففعلوا، فرفعه إلى السجن، ثم عاد به من الغد ودعا بسوط ثم أمر به فدقت ثمرته بين حجرين حتى صارت درة ثم قال للجلاد: اجلد وأرجع يدك وأعط كل عضو حقه.
ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني ورواه إسحاق بن راهويه، أخبرنا جرير، عن عبد الحميد، عن يحيى بن عبد الله الجابر به.
ودفع بأن محل النزاع كون الشهادة لا يعمل بها إلا مع قيام الرائحة، والحديث المذكور عن ابن مسعود ليس فيه شهادة منع من العمل بها، لعدم الرائحة وقت أدائها بل ولا إقرار، إنما فيه أنه حده بظهور الرائحة بالترترة والمزمزة، والمزمزة التحريك بعنف، والترترة والتلتلة التحريك، وهما بتاءين مثناتين من فوق؛