فواضح في حقه في النفي أو في الإثبات إن قلنا: إن كل مجتهد مصيب، وأما على قول المخطئة فالمقدم عليه إن كان مصيبا في نفس الأمر فواضح، وإلا فمعذور.
وقد تقرر من هذا الأصل أن قسم المتشابهات مركب من تعارض النفي والإثبات، إذ لو لم يتعارضا لكان من قسم الواضحات، وأن الواضح بإطلاق لم يتعارض فيه نفي مع إثبات، بل هو إما منفي قطعا وإما مثبت قطعا، وأن الإضافي إنما صار إضافيا؛ لأنه مذبذب بين الطرفين الواضحين، فيقرب عند بعض من أحد الطرفين، وعند بعض من الطرف الآخر، وربما جعله بعض الناس من قسم المتشابهات، فهو غير مستقر في نفسه، فلذلك صار إضافيا، لتفاوت مراتب الظنون في القوة والضعف.
ويجري مجرى النفي في أحد الطرفين إثبات ضد الآخر فيه، فثبوت العلم مع نفيه نقيضان، كوقوع التكليف وعدمه، وكالوجوب وعدمه وما أشبه ذلك. وثبوت العلم مع ثبوت الظن أو الشك ضدان، كالوجوب مع الندب أو الإباحة أو التحريم وما أشبه ذلك. وهذا الأصل واضح في نفسه غير محتاج إلى إثباته بدليل، ولكن لا بد من التأنيس فيه بأمثلة يستعان بها على فهمه وتنزيله والتمرن فيه إن شاء الله.
فمن ذلك أنه نهى عن بيع الغرر، ورأينا العلماء أجمعوا على منع بيع الأجنة، والطير في الهواء، والسمك في الماء، وعلى جواز بيع الجبة التي حشوها مغيب عن الأبصار، ولو بيع حشوها بانفراده لامتنع، وعلى جواز كراء الدار مشاهرة مع احتمال أن يكون الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين، وعلى