فإن نظرت إلى تطبيقه للسنة وجدته متحريا لها في كل أعماله وفي جميع أحواله، وظهر لك ذلك جليا في تعبده لربه وفي صلواته، فقد كان رحمه الله يحرص أشد الحرص على تطبيق السنة في صلاته، صلاة يتعلم منها المشاهد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية.
وإن نظرت إلى حلمه على الجاهل، ولين جانبه معه، ورفقه به، رأيت آثار السنة ظاهرة عليه في ذلك، فهو يتحمل الناس على اختلاف طبقاتهم، وتنوع طبائعهم، يحلم على الجاهل، ويصغي إلى كلامه في تواضع واحترام، ويفتيه ويرشده بأسلوب يتناسب مع فهمه ومستواه، فيستفيد ذلك المستفتي ما يهمه من أمور دينه ودنياه، ويخرج من جهله بما وضح له من أحكام الشريعة دون تعصب أو استعلاء، وإن نظرت إلى رحمته للفقراء والمساكين وإحسانه للمحتاجين والضعفاء والرأفة بحالهم والشفاعة لهم، رأيت العجب العجاب، فله في ذلك قصب السبق، وهو البطل المغوار والفارس الذي لا يشق له غبار، فهو أبو المساكين والوالد الحنون للضعفاء والمنكسرين، الرحيم بالفقراء والمشفق عليهم، فكم أحسن إليهم ومد يد المساعدة لهم، وكم شفع لمن ألمت بهم الملمات ونزلت بهم الكربات، متمثلا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء (?)».
وإن نظرت إلى سعة علمه وبذله لعلمه، رأيت ما يعجز القلم عن وصفه، فقد كان رحمه الله شديد الحرص على اغتنام