الكعبة قبل أن تكسى الكعبة.
وأخبرني محمد بن يحيى عن الواقدي عن أشياخه، قالوا: فلما ولي عبد الملك بن مروان كان يبعث كل سنة بالديباج فيمر به على المدينة، فينشر يوما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأساطين هاهنا وهاهنا، ثم يطوى ويبعث به إلى مكة، وكان يبعث بالطيب إليها والمجمر وإلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان أول من أخدم الكعبة يزيد بن معاوية، وهم الذين يسترون البيت.
حدثني جدي، قال: كانت الكعبة تكسى في كل سنة كسوتين: كسوة ديباج، وكسوة قباطي، فأما الديباج فتكساه يوم التروية، فيعلق عليها القميص ويدلى ولا يخاط، فإذا صدر الناس من منى خيط القميص وترك الإزار حتى تذهب الحجاج؛ لئلا يخرقونه، فإذا كان العاشوراء علق عليها الإزار فوصل بالقميص، فلا تزال هذه الكسوة الديباج عليها حتى يوم سبع وعشرين من شهر رمضان فتكسى القباطي للفطر. فلما كانت خلافة المأمون رفع إليه أن الديباج يبلى ويتخرق قبل أن يبلغ الفطر. ويرقع حتى يسمج، فسأل مبارك الطبري مولاه وهو يؤمئذ على بريد مكة وصوافيها: في أي الكسوة الكعبة أحسن؟ فقال له: في البياض، فأمر بكسوة من ديباج أبيض، فعملت فعلقت سنة ست ومائتين، وأرسل بها إلى الكعبة، فصارت الكعبة تكسى ثلاث كسا: الديباج الأحمر يوم التروية، وتكسى القباطي يوم هلال رجب، وجعلت كسوة الديباج الأبيض التي أحدثها المأمون يوم سبع وعشرين من شهر رمضان للفطر، وهي تكسى إلى اليوم ثلاث