(الحادي عشر) أن الله سبحانه حرم عقد النكاح في حال العدة وفي حال الإحرام، حسما لمادة دواعي النكاح في هاتين الحالتين، ولهذا حرم التطيب في هاتين الحالتين.
(الثاني عشر) أن الله سبحانه اشترط للنكاح شروطا زائدة على حقيقة العقد تقطع عنه شبهة بعض أنواع السفاح به، مثل اشتراط إعلانه، إما بالشهادة أو ترك الكتمان أو بهما، ومثل اشتراط الولي فيه. ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وكان أصل ذلك في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (?) و {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} (?)، وإنما ذلك لأن في الإخلال بذلك ذريعة وقوع السفاح بصورة نكاح، وزوال بعض مقاصد النكاح من حجر الفراش. ثم إنه وكد ذلك بأن جعل للنكاح حريما من العدة يزيد على مقدار الاستبراء، وأثبت له أحكاما من المصاهرة وحرمتها، ومن الموارثة زائدة على مجرد مقصود الاستمتاع؛ فعلم أن الشارع جعله سببا وصلة بين الناس بمنزلة الرحم، كما جعل بينهما في قوله تعالى: {نَسَبًا وَصِهْرًا} (?).
وهذه المقاصد تمنع اشتباهه بالسفاح، وتبين أن نكاح المحلل بالسفاح أشبه منه بالنكاح، حيث كانت هذه الخصائص غير متيقنة فيه.