أن المذهب وجوب الزكاة، سواء كان المال باطنا أو ظاهرا، من جنس الدين أم غيره. قال أصحابنا: سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل، كالزكاة السابقة والكفارة والنذر وغيرها.
وأما مسألة الحجر الذي ذكرها المصنف قال أصحابنا: إذا قلنا: الدين يمنع وجوب الزكاة، فأحاطت برجل ديون وحجر عليه القاضي فله ثلاثة أحوال: (أحدها) يحجر ويفرق ماله بين الفرق الغرماء فيزول ملكه ولا زكاة. (والثاني) أن يعين لكل غريم شيئا من ملكه ويمكنهم من أخذه فحال الحول قبل أخذه فالمذهب أنه لا زكاة أيضا وبه قطع الجمهور لضعف ملكه.
وحكى الشيخ أبو محمد الجويني وآخرون من الخراسانيين وجها أن وجوب الزكاة فيه يخرج على الخلاف في المغصوب؛ لأنه حيل بينه وبينه. وقال القفال يخرج على الخلاف في اللقطة في السنة الثانية؛ لأنهم تسلطوا على إزالة ملكه تسلط الملتقط في السنة الثانية بخلاف المغصوب. والصحيح ما سبق عن الجمهور. والفرق أن تسلط الغرماء أقوى من تسلط الملتقط؛ لأنهم أصحاب حق على المالك ولأنهم مسلطون بحكم حاكم، فكان تسليطهم مسنده ثبوت المال في ذمة المالك، وهو أقوى، بدليل أنهم إذا قبضوه لم يرجع فيه المفلس بوجه ما، بخلاف الملتقط فإن للمالك إذا رجع أن يرجع في عين اللقطة على أحد الوجهين.