والسلام بين المهاجرين والأنصار، بين أحبابه وأتباعه يأتي الإذن بالقتال والجهاد مقترنا بالتوحيد، قال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} (?) وقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (?) إلى فتح مكة حين كسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأصنام بيده الشريفة، وتلا: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (?) إلى الإعلام بدنو الأجل والاقتراب من اللحوق بالرفيق الأعلى، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (?) {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} (?) {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (?) فلم تخل مرحلة من هذه المراحل ألبتة من إعلان التوحيد وشواهده، ومحاربة الشرك وظواهره، ويكاد ينحصر عرض البعثة كلها في ذلك، فلا انصرف عنه وهو في مسالك الهجرة والعدو مشتد في طلبه، ولا قطع الحديث عنه وأمره ظاهر في المدينة بين أنصاره وأعوانه، ولا أغلق باب دراسته والتعمق فيه بعد فتح مكة الفتح المبين، ولا اكتفى بطلب البيعة على القتال عند تكرار عرض البيعة على التوحيد، ونبذ الشرك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} (?) فهذه سيرته الناصعة