ويواصل جهوده -عليه الصلاة والسلام- بإظهار دعوته امتثالا لقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (?) فما ترك -عليه الصلاة والسلام- تقرير التوحيد وهو وحيد، ولا ذهل عنه وهو محصور في الشعب، ولا انشغل عنه وهو يتلقى الأذى والعنت من بني ثقيف في الطائف عندما توجه إلى ربه متضرعا متذللا خاشعا منيبا، يهتف بالدعاء المؤثر الذي يحرك الوجدان، ويهز المشاعر، وتخشع له القلوب، وتذرف له الدموع: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك (?)».
ويلازم -عليه الصلاة والسلام- الإقرار بالتوحيد وهو وحيد مع صاحبه في الغار، فيقول: «ما بالك باثنين الله ثالثهما، (?)» لا تحزن إن الله معنا ".