يمكن من الفيء بالوطء رجاء أن ترضى في خلال الأجل بالبقاء معه على العصمة دون وطء.
وأما إذا قال: امرأتي طالق إن لم أحبلها فإنه يطأ أبدا حتى يحبلها لأن بره في إحبالها، وكذلك إن قال لامرأته: أنت طالق إن لم أطأك. له أن يطأها لأن بره في وطئها فإن وقف عن وطئها كان موليا عند مالك والليث فيما روي عنهما، وقال ابن القاسم: لا إيلاء عليه وهو الصواب وبالله سبحانه وتعالى والتوفيق.
فصل وأما إذا كان ذلك الفعل مما لا يمكنه فعله في الحال مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أحج وهو في أول العام. ففي ذلك أربعة أقوال:
أحدها أنه يمنع من الوطء الآن وهو ظاهر قول ابن القاسم في كتاب الإيلاء من المدونة ورواية عيسى عنه في الأيمان بالطلاق من العتبية+.
والثاني أنه لا يمنع من الوطء حتى يمكنه فعل ذلك الفعل.
والثالث أنه لا يمنع من الوطء حتى يخشى فوات ذلك الفعل.
والرابع أنه لا يمنع منه حتى يفوت فعل ذلك الفعل.
وقال أيضا فصل: فإذا قلنا: نه يطأ حتى يمكنه فعل ذلك الفعل فأمسك عن الوطء بإمكان الفعل له ثم فات الوقت ففي ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها أنه لا يرجع إلى الوطء أبدا.
والثاني أنها تطلق عليه.
والثالث أنه يرجع إلى الوطء حتى يمكنه الفعل مرة أخرى، وقد زدنا هذه الأوجه بيانا في كتاب الإيلاء.
وأما إذا كان الفعل مما لا يمكنه فعله على حال لعدم القدرة عليه مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أمس السماء وإن لم ألج في سم الخياط وما أشبه ذلك فإنه يعجل عليه بالطلاق إلا أن يجترئ على الفعل الذي يمنعه منه الشرع فيفعله قبل أن يعجل عليه الطلاق فإنه يبر في يمينه ويأثم في فعله ولا اختلاف في هذا الوجه، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
فصل وأما القسم الثاني وهو أن يحلف بالطلاق على غيره فإنه ينقسم أيضا على وجهين:
أحدهما أن يحلف عليه أن لا يفعل فعلا.
والثاني أن يحلف عليه ليفعلنه، فأما إذا حلف عليه أن لا يفعل فعلا مثل أن يقول: امرأتي طالق إن فعل فلان كذا وكذا. فهو كالحالف على فعل نفسه سواء في جميع الوجوه، وقد تقدم تفسير ذلك، وأما إذا حلف أن يفعل فعلا مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم يفعل فلان كذا وكذا. ففي ذلك لابن القاسم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كالحالف على فعل نفسه أن يفعل فعلا يمنع من الوطء ويدخل عليه الإيلاء جملة من غير تفصيل.