المسألة الثالثة: حكم تقديم رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة، وفيه مذاهب
المذهب الأول
لا يجوز تقديم رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة، ومن رمى قبل الزوال أعاده وممن ذهب إلى هذا مالك (?) والشافعي (?) وهو (?) الصحيح من مذهب أحمد ويستدل لهذا المذهب بما يأتي:
الدليل الأول ما جاء في خطبته صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر من حديث جابر «لتأخذوا عني مناسككم (?)».
وقد مضى بيان معنى هذه الجملة وهو وجه الاستدلال من الحديث بصفة عامة، وأن هذه اللام لام الأمر، وقد (?) جاء في بعض الروايات التصريح بالأمر وكونه صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي حتى تزول الشمس في هذه الأيام الثلاثة. هذا بيان لوقت بدء الرمي، وهذا داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم «لتأخذوا عني مناسككم (?)» وقد تقرر في علم الأصول أن البيان تابع للمبين في الحكم، والحكم هنا هو الأمر، والأمر في الأصل يقتضي الوجوب إلا بقرينة تصرفه عن هذا الأصل فيكون الرمي بعد الزوال واجبا، والأمر بالشيء نهي عن ضده فلا يجوز الرمي قبل الزوال.
ومن الأدلة الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لم يرم في هذه الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال ما رواه جابر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فبعد الزوال (?)». رواه مسلم في الصحيح، ورواه الترمذي والنسائي وأبو داود وقال الترمذي بعد إخراجه حديث حسن صحيح. وأخرجه البخاري تعليقا بصيغة الجزم.
قال (?) ابن حجر وقد وصله مسلم وابن خزيمة وابن حبان من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر.
وفي حديث عائشة رضي الله عنها «ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات (?)» الحديث رواه أحمد في المسند وأبو داود والبيهقي في المسند والحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيحه.
الدليل الثاني عن وبرة بن عبد الرحمن السلمي قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما: متى أرمي الجمار؟ قال: إذا رمي إمامك. فأعدت عليه المسألة قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا أخرجه البخاري في الصحيح.