وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (?) يحتمل أن يكون من تمام الكلام ردا عليهم، أي على ما قالوه من الاعتراض مع علمهم بتفريق الله بين هذا وهذا حكما، وهو العليم الحكيم الذي لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده فيبيحه لهم وما يضرهم فينهاهم عنه، وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها الطفل ولهذا قال سبحانه: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (?) أي من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه فله ما سلف من المعاملة؛ لقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} (?)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس (?)»، ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، بل عفا عما سلف، كما قال تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (?) قال: سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف: ما كان أكل من الربا قبل التحريم. وقال ابن أبي حاتم: قرأ علي محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أم يونس- يعني امرأته العالية بنت أبقع - أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لها أم بحنة أم ولد زيد بن أرقم: يا أم المؤمنين، أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم. قالت: فإني بعته عبدا إلى العطاء بثمانمائة فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته قبل