والثاني: أن أكثر ما فيه إثبات الربا في مأكول وليس فيه أن جميع المأكولات فيها ربا ونحن قد أثبتنا الربا في كثير من المأكولات، وإذا فعلنا ذلك فقد قضينا عهدة الآية، ولما ثبت بما قدمنا من التوقيف والاتفاق على تحريم بيع ألف بألف ومائة، كما بطل بيع ألف بألف إلى أجل فجرى الأجل المشروط مجرى النقصان في المال، وكان بمنزلة بيع ألف بألف ومائة، وجب أن لا يصح الأجل في القرض، كما لا يجوز قرض ألف بألف ومائة، إذا كان نقصان الأجل كنقصان الوزن وكان الربا تارة من جهة نقصان الوزن وتارة من جهة نقصان الأجل، وجب أن يكون القرض كذلك، فإن قال قائل: ليس القرض في ذلك كالبيع؛ لأنه يجوز له مفارقته في القرض قبل قبض البدل ولا يجوز مثله في بيع ألف بألف. قيل له: إنما يكون الأجل نقصانا إذا كان مشروطا.

فأما إذا لم يكن مشروطا، فإن ترك القبض لا يوجب نقصا في أحد المالين وإنما بطل البيع لمعنى آخر غير نقصان أحدهما عن الآخر، ألا ترى أنه لا يختلف الصنفان والصنف الواحد في وجوب التقابض في المجلس، أعني الذهب بالفضة مع جواز التفاضل فيهما، فعلمنا أن الموجب لقبضهما ليس من جهة أن ترك القبض موجب للنقصان في غير المقبوض، ألا ترى أن رجلا لو باع من رجل عبدا بألف درهم ولم يقبض ثمنه سنين، جاز للمشتري بيعه مرابحة على ألف حالة، ولو كان باعه بألف إلى شهر ثم حل الأجل لم يكن للمشتري بيعه مرابحة بألف حالة حتى يبين أنه اشتراه بثمن مؤجل، فدل ذلك على أن الأجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015