الأبصار دون سائر أجسامهم والمراد به أجسامهم؛ لأن أثر ذلة كل ذليل وعزة كل عزيز تتبين في ناظريه دودت سائر جسده، فلذلك خص الأبصار بوصفها بالخشوع) (?). في تلك الساعة يرى الكافر بربه في الدنيا، المكذب باليوم الآخر، عظم هذا اليوم وشدة هوله: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} (?) {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (?) وقد بين سبحانه وتعالى صفة مجيئهم إلى أرض المحشر عندما يدعون لذلك فقال تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} (?) {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} (?) (مجيبين لدعوة الداعي مهطعين إليها كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي ولا الالتواء عن نداء المنادي بل يأتون أذلاء مقهورين بين يدي رب العالمين. وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم واستولى على أفئدتهم فخشعت منهم الأبصار وسكنت الحركات وانقطعت الأصوات: ذلك الحال والمآل هو: {الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} (?) ولا بد من الوفاء بوعد الله) (?).
فجميع الخليقة من إنس وجن ووحوش ودواب يأتون ساعين إلى أرض المحشر، قال تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (?) وقال