تنصدع له القلوب وتوجل منه الأفئدة، وتشيب منه الولدان، وتذوب له الصم الصلاب) (?). وقال سيد قطب وهو يعطي صورة لهذا المشهد العظيم: (مطلع عنيف رعيب، لي مشهد ترتجف لهوله القلوب، يبدأ بالنداء الشامل للناس جميعا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (?) {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (?) يدعوهم إلى الخوف من الله {اتَّقُوا رَبَّكُمْ} (?) ويخوفهم ذلك اليوم العصيب {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (?) وهكذا يبدأ بالتهويل المجمل وبالتجهيل الذي يلقي ظل الهول يقصر عن تعريفه التعبير فيقال: إنه زلزلة، وإن الزلزلة {شَيْءٌ عَظِيمٌ} (?) من غير تحديد ولا تعريف. ثم يأخذ في التفصيل فإذا هو أشد رهبة من التهويل. . إذ هو مشهد حافل بكل مرضعة ذاهلة عما أرضعت تنظر ولا ترى وتتحرك ولا تعي. وبكل حامل تسقط حملها للهول المروع ينتابها. . وبالناس سكارى وما هم بسكارى يبتدي السكر في نظراتهم الذاهلة وفي خطواتهم المترنحة. مشهد مزدحم بذلك الحشد المتماوج تكاد العين تبصره لحظة التلاوة، بينما الخيال يتملاه، والهول الشاخص يذهله، فلا يكاد يبلغ أقصاه وهو هول حي لا يقاس بالحجم والضخامة، ولكن يقاس بوقعه في النفوس الآدمية في المرضعات الذاهلات عما أرضعن - وما تذهل المرضعة عن طفلها وفي فمه ثديها إلا للهول الذي لا يدع بقية من وعي - والحوامل الملقيات حملهن، وبالناس سكارى وما هم بسكارى،