ما هو للعبد فللعبد فيه الاختيار، من حيث جعل الله تعالى له ذلك، لا من جهة أنه مستقل بالاختيار، وقد ظهر بما تقدم آنفا: تخيير العبد فيما هو حقه على الجملة، ويكفيك من ذلك اختياره في أنواع المتناولات من المأكولات والمشروبات والملبوسات وغيرها مما هو حلال له، وفي أنواع البيوع والمعاملات والمطالبات بالحقوق، فله إسقاطها وله الاعتياض عنها والتصرف فيما بيده من غير حجر عليه إذا كان تصرفه على ما ألف من محاسن العادات، وإنما الشأن كله في فهم الفرق بين ما هو حق لله تعالى وما هو حق للعباد " (?).

(ب) حقوق لا تقبل الإسقاط:

تقدم فيما سبق أن الأصل في الحقوق أنها تقبل الإسقاط، ولكن هناك حقوق أخرى لا تقبل الإسقاط لمانع من الموانع، وقد ذكر ابن نجيم ضابطين لذلك:

أولهما: أن يكون الحق من حقوق الله تعالى، فهذه لا تقبل الإسقاط من العبد، فلو عفا المقذوف ثم عاد وطلب إقامة الحد على القاذف حد القاذف، لكن لا يقام الحد بعد عفوه لفقد الطلب.

ثانيهما: أن يكون الحق فيما ليس بلازم من العقود، فلا يتصف بالإسقاط، كالوكالة والعارية وقبول الوديعة.

ثم ذكر بعد ذلك مسائل وقع الاشتباه فيها، منها: الواقف إذا اشترط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015